الأحد، 10 أكتوبر 2010

بابل




هاشم العقابي
طالبان الحلة
عندما كتبت "درس مصري" هنا لامني بعض وشتمني بعض. لم يكن في ذلك مفاجأة لي، إذ اني أعلم “علم المتيقن” ان شعبا تقمص الكثير من أخلاق "حكامه"، صار يطرب للمديح ويغضب حين تقول له "على عينك حاجب".

الحما حدث في مهرجان بابل هنا لم يكن حدثا عابرا او عاديا كما يحاول البعض وصفه. لقد منعت الموسيقى عن بابل مثلما حرّم طالبان الغناء والموسيقى في افغانستان. نعم لا ينكر ان هناك من كتب واحتج واعترض، لكن الكتابة في أمر مثل هذا لا تتعدى حدود "أضعف الايمان".

في "درس مصري" ذكرت انه حين تسبب وزير الثقافة في حرمان الجمهور المصري من الاستماع للموسيقى ربع ساعة فقط، نهضوا ليجعلوا يوم الوزير أسود. فماذ كان يحدث لو ان أحدا تجرأ على حرمانهم منها للأبد؟

ما الذي كان يمنع الناس من التظاهر حين تجرأ ثلة من اعضاء ما يسمى بمجلس المحافظة، بمنع الموسيقى قسرا ورغما؟ الخوف لا غيره حتما. والخوف لو أصاب أفرادا، فلا بأس، لكن أن يعم شعبا فألف ألف بأس.

احتاج من يفسر لي سر ان تزحف الملايين للانتخابات ولا يزحف مئة منهم في تظاهرة. ان الانتخابات بدون ممارسة حق التظاهر لا تسوى فلسا واحدا. وما الذي تغير في شعب يتحرر من دكتاتور ويظل خائفا من الذي أتى بعده؟

كانت الحجة ان بابل مدينة ذات طابع "اسلامي" او "مقدسة". فهل ذات الطابع "الاسلامي" حلال سرقة أموالها، وشفط صفقة الكومبيوترات التي تبرع لها بها أهل الخير من الاميركان، وخنقها بالفساد المالي والاداري؟ ولعمري لو لم تكن "مقدسة" ماذا سيفعلون بها؟

لقد عرفنا الحلة أكثر وأحببناها أكثر من خلال صوت سعدي الحلي ولم نسمع في يوم انها "مقدسة" رغم انني أقدس صوت سعدي الحلي.

أيها الخائفون الطيبون في الحلة الجميلة، ما رأيكم لو رددتم على من تجرأ وتطاول على حريتكم بمنعكم من الغناء والموسيقى، ان تتجمعوا حاملين أجهزة الكاسيت وتضعون بها اغاني سعدي الحلي على أعلى درجة صوت ممكنة، حتى ولو من داخل بيوتكم، لتكن صيحة بوجه طالبان الحلة الجدد.

الغناء والموسيقى جزء من روح الشعب الذي ان سكت على من يقتلها فيه فلا يلومن الا نفسه على ما حل وسيحل به من خراب وعذاب.

قال كارل ماركس، رحمه الله وجزاه خيرا : "يصعب الغفران للأمة والمرأة اللتين تعطيان عفتهما لأول عابر سبيل".


هاشم العقابي

ليست هناك تعليقات: