الثلاثاء، 4 مايو 2010

نظرية التطور

خالد القشطيني
ابدأ بنظرية التطور
خلال حضوري مؤتمر الإصلاح العربي في الإسكندرية قبل سنوات، تكلمت و قلت ان مفتاح الإصلاح يبدأ بتدريس نظرية التطور في مدارسنا. فنظرية التطور، او كما سميت احيانا بنظرية النشوء والارتقاء، لا تؤكد على تطور الأحياء والنباتات والأجرام السماوية فقط، بل تتضمن تطورالمجتمع بكل جوانبه بما في ذلك الفكر والدين واللغة والفنون. بالطبع لم اتوقع من أحد ان يعير اقتراحي أي اعتبار، لأننا اساساً لا نؤمن بالتطور بل نفكر وكأن كل شيء سيبقى على ما هو. كلما استعرض تاريخنا، اجد ان الكثير من النكسات و المطبات التي وقعنا فيها يعود لجهلنا بنظرية التطور وديناميكية الاحداث. دعونا نأخذ القضية الفلسطينية، مشكلة الشرق الأوسط الكبرى. لو أننا قبلنا بالتقسيم الذي اقترحته بريطانيا عام 1937، أو حتى تقسيم الأمم المتحدة عام 1948 والتزمنا بالسلام لما بقيت اسرائيل لغير بضع سنوات، لكننا لم نفهم كيف ان الزمن دولاب والأحوال لا تبقى كما هي.
كانت القيادة العربية عام 1937 متمثلة بالمفتي محمد أمين الحسيني الذي طبعاً لم يؤمن بنظرية التطور واحكامها واعتبرها كفرا في مقابله كانت القيادة الصهيونية بيد عالم كيميائي هو الدكتور حاييم وايزمان. لم يؤمن فقط كعالم بنظرية التطور وانما تمسك بها ايضاً وبوحي تلك النظرية وضع اسس ما سماه بالصهيونية العضوية، أي نمو الدولة اليهودية نمواً عضوياً كالحيوانات والنباتات. ومن هذا المنطلق، قبل وايزمان قرار التقسيم والحيز الصغير الذي اعطته بريطانيا لليهود. وعندما ثار عليه اصحابه لتضييع المناطق التي تعلقوا بها وطمحوا اليها، أجابهم قائلاً: «لكن هذه المناطق لن تهرب منا!». انه جواب المؤمن بالتطور والمرحلية ومنطق «خذ وطالب». تلاه مؤخرا شمعون بيريز عندما حاول تلقين العرب درسا صغيرا من نظرية التطور ونصحهم بقبول مقترحات كلنتن، فقال خذوا ذلك وتذكروا كيف قمنا نحن ببناء دولتنا
ما هو سر الصعوبات التي واجهها العرب في اقامة الديمقراطية؟ ايضاً لأننا لا نفهم منطق التطور، منطق الزمن دولاب، يوم لك ويوم عليك. تخسر الحكم والانتخابات الآن، لكن بإمكانك استعادته بالعمل بمرور الايام، وبمراجعة افكارك واساليبك وممارساتك وبرامجك.
بيد ان فهم سنة التطور والسير بمقتضياتها تواجه في مجتمعنا العربي عقبات عملية لابد من الاعتراف بها. من ذلك افتقارنا لصفة الصبر، فعملية التطور عملية تدريجية غالبا ما تكون بطيئة. فتطور الانسان الهوموسابيان من فصيلة القردة استغرق بلايين السنين. ولكن الحكمة الجارية على السنتنا تقول "منو ابو باجر؟". فضلا عن ذلك، تحول الروح الفردية دون التفكير بالمستقبل. المواطن والزعيم السياسي عندنا يحصر تفكيره في نطاق حياته لا في نطاق حياة شعبه وامته. هكذا صرح ياسر عرفات، انه يريد ان يرى الدولة الفلسطينية تقوم في حياته. بالطبع ليصبح رئيسا لها. أنه لا يفكر بالمستقبل البعيد لشعبه ليكون بمثابة
عتلة صغيرة في آلية صنعه
نقلا عن جريدة العالم العراقية

ليست هناك تعليقات: